آخر تحديث:- منذ 27دقيقة
الأربعاء 04 ديسمبر-كانون الأول 2024

تقرير : الحلم الذي أصبح حقيقة .. جامعة أقليم سبأ 1-2
تقرير : الحلم الذي أصبح حقيقة .. جامعة أقليم سبأ 1-2

الإثنين 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 الساعة 06 مساءً / خاص

 ربما لم تشهد محافظة يمنية مثل ماشهدت مأرب من الظلم والحرمان الذي عانت منه لسنوات طوال مقارنةً بما كانت تجود به هذه المحافظة على الوطن.. ثلث قرن وأكثر ليست مأرب بالنسبة للرئيس السابق صالح وحكوماته المتعاقبة سوى بقرة حلووب .. ووعاء مؤنة .. وستظل أثار وشواهد هذا الحرمان عقوداً من الزمن .. التعليم الجامعي احد هذه الشواهد الحاضرة ..ورغم مرور عقد كامل على تأسيس أول نواة جامعية في مأرب .. غير أن المراقب لمخرجات هذه الكليات الثلاث يرى المحدودية الكبيرة لارقام الطلبة الخريجين ..وضعفاً ملحوظاً لمستوى التحصيل العلمي لذات الطلاب .

 

* التعليم الجامعي في مأرب :

  تعتبر محافظة مأرب من أهم المحافظة اليمنية كونها العمود الفقري للاقتصاد اليمني ..كما انها تتوسط المحافظات اليمنية من جهة الشرق وتجاور اهم المحافظات الجنوبية ذات الثروة النفطية، ..بالاضافة الى ارتباطها التاريخي باقدم واكبر الحضارات اليمنية - مملكة سبا - كمأ أن تركيبتها القبلية والاجتماعية ميّزها عن غيرها، بإعتبارها البوابة الرئيسية لدول الجوار الخليجي ..اعتبارات كثيرة يجعل من التعليم بكل مستوياته بما فيه التعليم الجامعي حاجة ملحّة كالحاجة الى عناصر البقاء .. غير ان النظام السابق ضرب بكل هذه الاعتبارات عرض الحائط وأتجه نحو سياسة التجهيل لإيمانه المطلق أنه بهذه السياسة يضمن عنصراً رئيسياً من عناصر البقاء .. البقاء له وحده .. كمستبدا وناهباً لكل ثروات هذا البلد .

       لم يستسلم أبناء مأرب لإرادة الحاكم وتجشّموا الصعاب بهدف نيل درجات متقدمة في سلّم التعليم الجامعي خارج الوطن وداخله ونال المئات منهم حظاً لا بأس به من التعليم ،غير أن الشريحة الأوسع وبسبب الحالة المادية المتدنية لأسرهم لم يتمكنوا من الحصول على التعليم الجامعي ، ولتزداد حاجة المواطنيين بمأرب الى وجود جامعة او كليات اكاديمية ترتقي بوعي المجتمع وتخّلق فرصاً جديدة لمخرجاتها يساهمون بشكل فعّال في خدمة انفسهم ومجتمعاتهم ووطنهم ..

* ضروف تأسيس كليات مأرب :

 ظهور وبروز الحاجة للتعليم الجامعي كانت فرصة لرجالات الدولة ومسئوليها .. وليجعلوا من السعيّ في توفيرها واجب وطني وأمانة على عواتقهم بعد نجاحهم ونيلهم المناصب التي يتنافسون عليها.

الرئيس السابق صالح وإبان حملته الانتخابية في الانتخابات المحلية والرئاسية عام 2006 م ظهر أمام إنصاره في مهرجانه الانتخابي بمدينة مأرب وقطع وعوداً كثيرة .. واعلن عن تدشين مشاريع متعددة منها افتتاح كلية التربية والآداب والعلوم .. وبدون دراسات جدوى او وضع موازنات تشغيلية او خدمية ..الخ ، لذلك صفق له الجمهور بحرارة .. ومن الطبيعي جدا ان يلد هذا المهرجان مولوداً خدجاً مشوّه .. عنوانه (كلية التربية والآداب والعلوم بمأرب).

 

*كلية التربية والعلوم والأداب :

   تأسست هذه الكلية بمحافظة مأرب عام 2006 م كفرع من جامعة صنعاء وتخرجت اول دفعاتها عام 2010 م  ( 350)  خريج غالبيتهم من فئة الإناث .. وتم تعيين الأكاديمي الدكتور عبدالله النجار أول عميد لكلية مأرب وهو من أبرز الأكاديميين الذي كان له دورٌ فاعل بالنسبة للتعليم الجامعي على المستوى الوطني .. وقد اجتهد مع زملائه الاكاديميين لتوفير مقومات العملية التعليمية في هذا الصرح .. غير أن الصعوبات والتحديات التي واجهته قد أجبرته على تقديم استقالته عام 2008 م.

 

وفي مقابلة نشرتها صحيفة النداء الاسبوعية وأعاد نشرها موقع مأرب برس بتاريخ 2 ابريل من عام 2008 م بعد عامين على انشاء الكلية أوضح عميد الكلية الدكتور النجار ان الكليات تشتغل بدون ميزانية حتى موازنات تشغيلية .. وبحسب النجار فإن هذه الكليات تعاني من نقص في الكادر ..لذا يتم الاستعانة بأساتذة بنظام الساعات ، يأتون من كليات بالعاصمة صنعاء بالباص - حسب تعبيره - . ويضيف الدكتور النجار ان الكليات لا توجد بها معامل للفيزياء والكيمياء والحاسوب - حتى لطلبة كلية الحاسوب - ويكشف الدكتور النجار أن المبنى غير مهيأ لتدريس الطلاب باعتبار أن المبنى كان مخصص للمعهد العالي لتأهيل المعلمين، إذ تعاني قاعاته من الضيق الشديد وازدحام الطلاب ..

* الصعوبات والتحديات :

يكشف الدكتور حسين الموساي الذي تولى عمادة الكلية منذ 2013 الى 2014 م أن قرار إنشاء الكلية كان قرار سياسي بامتياز، لذلك انشئت بدون موازنات بما فيها موازنة تشغيلية.. ولتعتمد الكلية فيما بعد بتسديد اجور ومرتبات الموظفين وأجور المتعاقدين على طريقة الغرم القبلي، ـ يتحدث ويبتسم ـ ويتابع الدكتور "يتم تسديد بعضها عن طريق جامعة صنعاء والجزء الأكبر يتم تسديده من موازنة المحافظة .. ويضيف الموساي " يتم تحويل المبالغ الغير مستخدمة من المكاتب والمؤسسات الحكومية في المحافظة على حساب الكلية بهدف سد العجز لدى الكلية، وتسديد اجور ومرتبات الموظفين والمتعاقدين" .

وقد أدت زيادة هذه الأعباء والتراكمات الى إعلان العجز وعدم المقدرة على مواصلة المشوار بالنسبة لأول عميد لكلية مأرب، وقدّم الدكتور عبدالله النجار استقالته عام 2008 م . يضيف الدكتور الموساي " علاوة على عدم وجود ميزانية للكلية فلا يوجد لديها كادر تعليمي ولا فني ولا خدمي ..فالموظفون اما متعاقدون بأجور زهيدة ..في كثير من الأوقات يتأخر سدادها .. أو موظفون في مكاتب اخرى ويعملون كمنتدبين ، لتتضاعف المشاكل والتحديات . ويتابع الموساي " يحتجز المدرسون نتائج الطلاب بسبب تأخر مستحقاتهم .. الأمر الذي أثر سلباً على اداء ومستويات الطلاب وتضاعفت معاناة الطلاب والكادر الإداري والأكاديمي ". وأمام كل هذه التحديات والصعوبات كانت الاستجابة ضعيفة جداً من قبل رئاسة جامعة صنعاء.

* مضايقة الكادر الأكاديمي في الكلية

ويتحدث الدكتور الموساي عن اخلاقيات غريبة ظهرت في السنوات الأخيرة من قبل بعض الطلاب، تارة بالتقطع لباص المعلمين وتارات بمضايقة الكادر الأكاديمي وتهديدهم .. وكأن أطراف لها أبعاد اخرى كانت تعمل على إفشال العملية التعليمية في الكلية ، ويتابع الدكتور" ارتفعت وتيرة هذه الأعمال الممنهجة عامي 13/ 2014 م بالإضافة الى تسيير مظاهرات واغلاق بوابة الكلية .. وبحسب وصف الموساي فقد كان الطلاب ادوات لهذه الاعمال المسيئة ... معللاً سببها أن طرفاً سياسي يرى أن الكلية أضحت خارج أدارته وسلطته.

 

* وعود ومماطلة :

لم تكن هناك نية صادقة من الحكومة اليمنية بإيجاد صرح تعليمي بحجم كلية التربية والآداب والعلوم في مأرب، فرغم مرور العام الأول للكلية بدون موازنة تشغيلية ومخصصات مالية تسد احتياجات الكادر التعليمي والفني والخدمي لذات الكلية، كان من الضرورة بمكان معالجتها في الأعوام التي تلاه، وليظل العجز قائم الى نهاية عمر الكلية التي أصبحت أحدى الكليات بجامعة أقليم سبأ مؤخراً بموجب قرار الرئيس هادي .....

في عام 2008 م زار رئيس الوزراء الأسبق علي مجور مأرب ووجه باعتماد موازنات الكلية كما وجه باعتماد 30 مليون ريال كتجهيزات معامل الحاسوب والكيماء وبقية الأقسام العلمية غير أن هذه المبالغ تم تقسيمها كدفعات ولم يتم الإيفاء به كاملا.. بحسب الدكتور الموساي .

 مضيفاً ان عمداء الكلية لم يدّخروا جهداً في المساعي والضغط على الجهات الحكومية لتوفير متطلبات الكلية منذ نشأتها.. ومن تلك المساعي عام 2013 م تم عقد لقاء بين رئاسة جامعة صنعاء وبين المسئولين الحكومين بالمحافظة وعلى رأسهم المحافظ العراده وعميد الكلية الدكتور حسين الموساي وعدداً من القيادات السياسية وقد تم الاتفاق على عشر نقاط رئيسية أهمها توفير الكادر التعليمي للكلية والأجور التعاقدية بالإضافة الى صيانة مباني الكلية وسكن الكادر الأكاديمي للكلية، غير أن هذه البنود لم يتم تنفيذها .. وكان يتم سداد ومعالجة كل الاحتياجات من قبل السلطة المحلية بالمحافظة.

كلمات دالّة

#محافظة_مأرب