آخر تحديث:- منذ 03دقيقة
الجمعة 19 إبريل-نيسان 2024

ليلة استشهاد القادري !

الأربعاء 18 إبريل-نيسان 2018 الساعة 03 مساءً / عدنان الجبرني

ستة أيام وانا أتحاشى أن تقع عيني في عينَي سالم!

حتى أنني كلما فكرت بالاتصال به أشعر بالخوف كأنما سيصله الخبر مني لأول مرة

كان عبدالله قريبا من الجميع.. وكلنا خسرنا برحيله ما لا يمكن تعويضه، لكنه بالنسبة لسالم مثنى كان أكثر من رفيق وأكبر من أخ ...

 

ليلة استشهاد القادري وبعد صول جثمانه الطاهر الى المستشفى، التقيت والده ورأيت في وجهه وجع السنين وفي كلامه صبر وصلابة ورضا المؤمن. شاهدت علي الغليسي واجما كصخرة، ثم ما يلبث أن يدير رأسه يمينا وشمالا بلا توقف وكأنه لم يعد يرى أحدا بعد عبدالله المُسجى على بعد أمتار!

 

كانت الصدمة أبرز من كل ملامح الحاضرين لحظتها.. عبدالله ابوسعد يتلوى في ألمه ويكابر كلما وجد أحدا من اقارب الشهيد، علي عويضة اقترب منا دون ان يقول شيئا طيلة الوقت.. بدا شاردا ومنكسرا وهو العنيد الذي لا يلين..

 

في وضع طبيعي .. قد تُحسب الفترة التي قضاها عبدالله القادري في الصحافة بأنها قصيرة، لكن في ظل الحرب وأمام تجربة كتجربة عبدالله فإنها تعد مدرسة متكاملة.

لم يكن صحفيا عاديا البتة، كل انتاجه وتفانيه خلال الأربع السنوات يقود الى حقيقة واحدة: عبدالله ينتمي صحفيا لمدرسة الكبار وخانة الرواد.

 

اول مرة هاتفته وانا في صنعاء اثناء تهديد الحوثيين باجتياح مارب وبدء مطارح القبائل تحسبا لصد الاجتياح، كلما اتصل به من هاتف "المصدر أونلاين" اسئله عن قضية أو موقف يرد بسرعة وفي هدوء.. وعندما كان لا يجد المعلومة تلك اللحظة يستأذنك لدقائق ثم يعود ليتصل ويأتيك بالنبأ اليقين.

 

تظل الحقيقة هي أكبر الخاسرين من رحيل عبدالله.

 

عزاء خاص في هذا المصاب الجلل لرفاق دربه منذ بكور أيام الحرب والتجربة الفريدة، أبطال مركز سبأ، المايسترو وليد الراجحي، والمصور الأكثر براعة في الجبهات فهد العيال، والبطل ذياب الشاطر شفاه الله وعافاه، وسالم، والعزيز محمد الغليسي، وكذلك الاستاذين احمد ربيع وعبدالواحد دهمش.

 

اما احمد ضبيان فلا ادري كيف سيكون حاله بعد خسارته اخاه الأكبر وملهمه وبطله...

وعندما كان يلتقي عبدالله القادري ومحمد الشبيري لم يكن احد يستطيع الدخول ف الخط.. كيمياء وروح واحدة، ومشتركات تجعل منهما حلفا صلبا معززا بلهجة مأربية عريقة وسريعة لا تفهم منها شيئا سوى أنك المقصود بما يقولونه.. ثم لا تجد الا ان تسلم بنبل الاثنين وتنسحب بهدوء.

 

المجد، كل المجد، للأبطال الثمانية الذين كانوا في ذات المكان في قانية؛ ذياب الشاطر وسليمان النواب ووليد الجعوري وخليل الطويل وأحمد ضبيان وفهد ...

 

اكتب هذا وفي ودي لو استحضر كل اصدقاء عبدالله هنا كنوع من المواساة بأنني لست وحيدا في متاهة الرحيل المفاجئ ....

 

قرأت معظم ما كُتب عن عبدالله.. ورغم عظمة وصدق وكثرة ما كُتب الا أنني ما زلت اشعر أنه لم يوف حقه، وأن عبدالله كان أعظم من كل هذا ويصعب وصفه او الحديث عنه..

 

لكن ما سيليق به حقا هو ان نجعل من اسم عبدالله القادري وسام فخر وجائزة ومجد، وفاء لجهده وخطه الرصين وتعدد وثراء مصادره واحترافه كصحفي ومصور .. وصاحب وعي رفيع يميْز الغث من السمين..

وفاء لعرق جبينه في كل جبهة

لكل لحظة توتر أمام شاشة الكمبيوتر ورداءة الانترنت لكي يبث الحقيقة

لبسالته وشجاعته وإيمانه بقداسة العمل في نقل الخبر والمعلومة بأمانة وذكاء.

 

من صفحة الكاتب في فيسبوك

 

كلمات دالّة

#مأرب